الشرق الاوسط: مهد الحضارات ومنبع الديانات السماوية الثلاث! ساهم المسيحيون مساهمة أساسية في نهضة الشرق وشكلوا فيه قوّة في وجه الاحتلال والاستعمار. لكن هذه القوة ما لبثت ان تراجع دورها اثر الفتوحات الاسلامية والمحاولة الدائمة لصبغ هذه المنطقة بلون واحد. نتوجه في هذه المدونة إلى كل من يؤمن بأهمية العيش المشترك في هذه البقعة، والى كل من يعترف بالمسيحيين كأساس، وإلى كل مسيحي يأبى التخلي عن أرضه وجذوره!

الخميس، 21 يناير 2010

على خطى مار بولس / دمشق - سوريا



المسيحيون اساس الشرق


المسيحيون درة هذا الشرق وأصله.. واليوم فاكهته، هم اصل مصر التي حملت اسم مسيحييها الصَبط (Egypt)، كما اعطى السريان المسيحيون اسمهم الاردن، اما اصل العراق بلد الحضارات المتكاملة بين الآشوريين والكلدانيين فهم مسيحيوه، دون ان ننسى أن الموارنة هم سر لبنان كياناً ودولة.

هذا الذي حصل ويحصل في الموصل أياً يكن المجرم المعروف من وراء حدود العراق وداخله، هو تحد جديد للعرب الذين اوصاهم رسول الله عليه الصلاة والسلام بصَبط مصر خيراً، وعليهم واجب الطاعة، والذين بنوا أمجادهم بتكافل وتكاتف عناصرهم الاجتماعية: مسلمين ومسيحيين دون أي نبذ لليهود الا الذين اراد منهم الغدر وتوجهوا الى فلسطين ليشاركوا الصهاينة بناء كيانهم على حساب ابنائها.

العرب الغساسنة حموا هذا الشرق وكانوا خط الدفاع الاول عن حياض العرب في مواجهة التوسع الفارسي، وكانوا جنوداً في جيش سعدب بن ابي وقاص في معركة القادسية التي قوضت امبراطورة كسرى، وانوا كأقباط مصر اساساً في جيوش صلاح الدين الذي واجه حملات الفرنجة ضد بلاد الشرق وأهله مسلمين ومسيحيين.

المسيحيون العرب لم يكونوا فقط رواداً في الثقافة وحماية وحمل لغة القرآن الكريم فقط، ولا كانوا بناة التربية العربية، وحماة الشخصية العربية في مواجهات محاولات التتريك او التغريب بل كانوا وسيبقون حملة مشعل الحضارة العربية التي اخذت مكانها تحت الشمس بسبب وحدة نسيجها الاجتماعي دون عنصرية او طائفية او مذهبية.

قوة المسيحيين العرب انهم يعطون للعرب مكانة بين العالم في التسامح وفي الالتـزام بحق المواطنية في الحكم، وفي استمرار النظام المديني تعبيراً او خطوة نحو المجتمع المنفتح.

ومن يريد اضعاف العرب يبدأ بإضعاف المسيحيين، بعد ان فتك التخلف والتفرقة والفتن بين المسلمين خلال قرون خلت تحت السيادة العثمانية، وخلال عقود تمر بسبب السياسة التوسعية الفارسية.

إخراج المسيحيين من الموصل بهذه الطريقة الهمجية دعوة لتدمير ما تبقى من شخصية العراق بلداً جامعاً يحفظ لبنيه كلهم حقهم في ارضهم لأنهم من أصله ومن بناته ومن أسباب استمراره وطناً ومجتمعاً وسيادة ودولة.

مسيحيو الشرق والمصير المجهول


هجرة المسيحيين من الشرق الأوسط أصبحت من القضايا الخطيرة في المنطقة، وتبعث القلق لمن يعتقد بأن هذا الشرق عليه أن يكون متنوعا دينياً ، فالمسيحيون هم من اهل الشرق وكانوا جزءا من الحركة الوطنية العربية ، فقد سيطروا في لبنان وفلسطين وساهموا في حركة التحرر الوطني الفلسطيني، وكانوا قوة رئيسية في العراق، ولكن ماذا يحدث اليوم؟ فقد انخفضت نسبة وجود المسيحيين في الشرق من 20% إلى 5% نتيجة الهجرة المكثفة إلى خارج المنطقة.

ففي مصر التي كانت مجالسها النيابية لا تقل فيها نسبة تمثيل الأقباط عن 5% في زمن محمد علي باشا واليوم يكادون ينقرضون، وتركيا التي كان يعيش فيها ملايين المسيحيين قبل قرن واحد فقط، فقد وصل تعدادهم إلى 150ألف مسيحي فقط، وتعداد المسيحيين الذي كان يمثل خمس سكان القدس عام 1948 أصبح اليوم لا يتجاوز 2%، وفي بيت لحم حيث مسقط رأس السيد المسيح “عليه السلام” كانوا يمثلون 80% من تعداد السكان واليوم يمثلون نحو ثلث تعداد المدينة ، وفي العراق الذي كان يوجد به 4,1 ملايين مسيحي أبان العدوان الأمريكي - البريطاني عام 2003، بينما اليوم تشير التقارير إلى هروب نصفهم.

الاسباب التي تؤدي إلى هجرة المسيحيين عديدة فأولها هو سيطرة الاسلام السياسي على الحياة العربية وممارسته للتمييز السياسي والاجتماعي في بعض البلدان ضد المسيحيين، ولذلك فحالة التأسلم قد اوجدت الضيق الاقتصادي للمسيحيين بما يدفعهم إلى الهجرة.

ولكن هذا لا يبرىء ساحة بعض الأنظمة العربية الرسمية التي ترفع شعار الديمقراطية، بينما جزء كبير منها يتغلغل فيهم ذوو التوجهات الدينية المتعصبة ويمارسون التمييز ضد المسيحيين فيمنعون بناء الكنائس، ويقتلون المسيحيين باستخدام مفرط للقوة ضدهم ، ويمنعون التحول العقائدي ويقفون ضد الحريات الدينية.

كما وتقع المسؤولية على عاتق المسيحيين أنفسهم فهم من هذه الأرض ولا يجب الهروب من الواقع بالهجرة للغرب بما يعزز الانقسام الديني بين غرب مسيحي وشرق مسلم، فعليهم النضال ضد كل من ينتهك حقوقهم والتمسك بالأرض التي يعيشون عليها، فهي أرضهم وارض كل مواطن بغض النظر عن دينه، وهي مسؤولية المثقفين المسلمين في رفض هذه الهجرة، وتشكيل جبهة موحدة ضد التطرف ورفض للهجرة، فالتنوع الديني في الشرق الأوسط وفصل الدولة عن الدين هو ركيزة أساسية لدولة المستقبل الديمقراطي، والدفاع عنها مسؤولية المسيحيين والمسلمين.